طول البقاء فى السلطة وصناعة مراكز القوى
واقع الحال أن أطرافاً عدة كانت مستفيدة من اغتيال «نظام الملك»، من بينها «الحسن الصباح» الذى اعتبر الوزير عدوه المبين، بسبب الدور الذى لعبه فى مطاردة الخلايا «الإسماعيلية» التى كانت تتشكل فى مناطق مختلفة حول قلعة «آلموت»، أو بعيداً عنها، وكانت تمثل رافداً أساسياً من روافد ضخ المزيد من الكوادر إلى فرق الموت، وكان لكثير من الأسر «الإسماعيلية» ثأر مع «نظام الملك» بسبب قتله واحداً أو أكثر من أفرادها، وفى الوقت نفسه كان السلطان السلجوقى هو الآخر يخشى من تمدد نفوذ الوزير، خصوصاً أنه تمكن من تكوين شبكة عائلية من أبنائه وأحفاده استطاعت السيطرة على مفاصل الدولة، ووصل الحال بحفيده، كما حكيت لك إلى حد التجرؤ على السلطان نفسه، وقد كان السلطان من ناحيته يعلم أن هذه الخطوة لها ما يليها، وربما كانت التالية هى الانقضاض على سلطانه والاستيلاء على صولجان الحكم، وفى هذا السياق نستطيع أن نفهم تلك العبارات الحادة التى خاطب بها «ملكشاه» وزيره «نظام الملك» وقال له فيها: «إن كنت شريكى فى الملك، ويدك مع يدى فى السلطنة، فلذلك حكم، وإن كنت نائبى، وبحكمى، فيجب أن تلزم حد التبعية والنيابة». أراد السلطان «ملكشاه» أن يضع النقاط فوق الحروف ويحدد موقع «نظام الملك» من السلطنة، وهو -كما يراه السلطان- موقع التبعية والنيابة، وليس الشراكة، لكن «نظام الملك» رد عليه بعبارات خشنة قاطعة تؤكد أنه شريكه فى الحكم، قال فيها: «إن كنت ما علمت أنى شريكك فى الملك فاعلم، فإنك ما نلت هذا الأمر إلا بتدبيرى ورأيى».
كان رد نظام الملك على السلطان حاسماً، ومؤكداً على أنه شريكه فى الملك، وأن فضله على السلطنة كبير، وأنه لولا تفكيره وتدبيره، لما استطاع «ملكشاه» أن يجلس على كرسى الحكم، وحقيقة الأمر أن وضع السلطان كان مهتزاً فى بدايات حكمه، ولعب الوزير «نظام الملك» دوراً مهماً فى تثبيت أوضاعه، يحكى ابن كثير أنه «لما توفى السلطان ألب أرسلان جلس ولده ملكشاه على سرير الملك، وقام الأمراء بين يديه، فقال له الوزير نظام الملك: تكلم أيها السلطان، فقال: الأكبر منكم أبى، والأوسط أخى، والأصغر ابنى، وسأفعل معكم ما لم أسبق إليه، فأمسكوا، فأعاد القول، فأجابوه بالسمع والطاعة، وقام بأعباء أمره الوزير نظام الملك فزاد فى أرزاق الجند سبعمائة ألف دينار وسار إلى مرو فدفنوا بها السلطان، ولما بلغ قاورت (أخو ألب أرسلان) موت أخيه السلطان ركب فى جيوش كثيرة، قاصداً قتال ابن أخيه ملكشاه، فالتقيا فاقتتلا فانهزم أصحاب قاورت، وأسر هو، فأنبه ابن أخيه، ثم اعتقله، ثم أرسل إليه من قتله»، لو تأملت كلام «ابن كثير» يمكنك أن تخلص بسهولة إلى أن «نظام الملك» هو الذى رتب تلك العبارات الحاذقة التى رددها «ملكشاه» على أسماع الأمراء المنافسين له: «الأكبر منكم أبى والأوسط أخى والأصغر ابنى»، وقد أمسك الأمراء عن بيعته فى البداية -كما يشير ابن كثير- وهو ما يدلل على أن أمره كان مهتزاً، وأن أغلبهم كان متبرماً من جلوسه على كرسى السلطنة، لكنهم بايعوا بعد ذلك، وربما كان أحد العوامل التى دفعتهم إلى ذلك إحساسهم بأن الوزير الكبير يقف مسانداً له، وفى الوقت نفسه كان القرار الذى اتخذه «نظام الملك» بزيادة أرزاق الجند من العوامل المهمة التى مكنت جيش «ملكشاه» من مواجهة أكبر تحد واجهه بعد الوصول إلى الحكم، عندما انقلب عمه عليه، وطمع فى وراثة سلطان أخيه، واستعان على ذلك بجيش كبير، لكنه لم يصمد أمام جيش كان «أتابكه» الوزير «نظام الملك».
واقع الحال أن أطرافاً عدة كانت مستفيدة من اغتيال «نظام الملك»، من بينها «الحسن الصباح» الذى اعتبر الوزير عدوه المبين، بسبب الدور الذى لعبه فى مطاردة الخلايا «الإسماعيلية» التى كانت تتشكل فى مناطق مختلفة حول قلعة «آلموت»، أو بعيداً عنها، وكانت تمثل رافداً أساسياً من روافد ضخ المزيد من الكوادر إلى فرق الموت، وكان لكثير من الأسر «الإسماعيلية» ثأر مع «نظام الملك» بسبب قتله واحداً أو أكثر من أفرادها، وفى الوقت نفسه كان السلطان السلجوقى هو الآخر يخشى من تمدد نفوذ الوزير، خصوصاً أنه تمكن من تكوين شبكة عائلية من أبنائه وأحفاده استطاعت السيطرة على مفاصل الدولة، ووصل الحال بحفيده، كما حكيت لك إلى حد التجرؤ على السلطان نفسه، وقد كان السلطان من ناحيته يعلم أن هذه الخطوة لها ما يليها، وربما كانت التالية هى الانقضاض على سلطانه والاستيلاء على صولجان الحكم، وفى هذا السياق نستطيع أن نفهم تلك العبارات الحادة التى خاطب بها «ملكشاه» وزيره «نظام الملك» وقال له فيها: «إن كنت شريكى فى الملك، ويدك مع يدى فى السلطنة، فلذلك حكم، وإن كنت نائبى، وبحكمى، فيجب أن تلزم حد التبعية والنيابة». أراد السلطان «ملكشاه» أن يضع النقاط فوق الحروف ويحدد موقع «نظام الملك» من السلطنة، وهو -كما يراه السلطان- موقع التبعية والنيابة، وليس الشراكة، لكن «نظام الملك» رد عليه بعبارات خشنة قاطعة تؤكد أنه شريكه فى الحكم، قال فيها: «إن كنت ما علمت أنى شريكك فى الملك فاعلم، فإنك ما نلت هذا الأمر إلا بتدبيرى ورأيى».
كان رد نظام الملك على السلطان حاسماً، ومؤكداً على أنه شريكه فى الملك، وأن فضله على السلطنة كبير، وأنه لولا تفكيره وتدبيره، لما استطاع «ملكشاه» أن يجلس على كرسى الحكم، وحقيقة الأمر أن وضع السلطان كان مهتزاً فى بدايات حكمه، ولعب الوزير «نظام الملك» دوراً مهماً فى تثبيت أوضاعه، يحكى ابن كثير أنه «لما توفى السلطان ألب أرسلان جلس ولده ملكشاه على سرير الملك، وقام الأمراء بين يديه، فقال له الوزير نظام الملك: تكلم أيها السلطان، فقال: الأكبر منكم أبى، والأوسط أخى، والأصغر ابنى، وسأفعل معكم ما لم أسبق إليه، فأمسكوا، فأعاد القول، فأجابوه بالسمع والطاعة، وقام بأعباء أمره الوزير نظام الملك فزاد فى أرزاق الجند سبعمائة ألف دينار وسار إلى مرو فدفنوا بها السلطان، ولما بلغ قاورت (أخو ألب أرسلان) موت أخيه السلطان ركب فى جيوش كثيرة، قاصداً قتال ابن أخيه ملكشاه، فالتقيا فاقتتلا فانهزم أصحاب قاورت، وأسر هو، فأنبه ابن أخيه، ثم اعتقله، ثم أرسل إليه من قتله»، لو تأملت كلام «ابن كثير» يمكنك أن تخلص بسهولة إلى أن «نظام الملك» هو الذى رتب تلك العبارات الحاذقة التى رددها «ملكشاه» على أسماع الأمراء المنافسين له: «الأكبر منكم أبى والأوسط أخى والأصغر ابنى»، وقد أمسك الأمراء عن بيعته فى البداية -كما يشير ابن كثير- وهو ما يدلل على أن أمره كان مهتزاً، وأن أغلبهم كان متبرماً من جلوسه على كرسى السلطنة، لكنهم بايعوا بعد ذلك، وربما كان أحد العوامل التى دفعتهم إلى ذلك إحساسهم بأن الوزير الكبير يقف مسانداً له، وفى الوقت نفسه كان القرار الذى اتخذه «نظام الملك» بزيادة أرزاق الجند من العوامل المهمة التى مكنت جيش «ملكشاه» من مواجهة أكبر تحد واجهه بعد الوصول إلى الحكم، عندما انقلب عمه عليه، وطمع فى وراثة سلطان أخيه، واستعان على ذلك بجيش كبير، لكنه لم يصمد أمام جيش كان «أتابكه» الوزير «نظام الملك».
كان «نظام الملك» يستوعب أن له فضلاً كبيراً على تثبيت أركان دولة «ملكشاه»، وقد كان الحال كذلك، لكن رده على السلطان يؤشر إلى أنه افتقد «حساسيته السياسية»، نتيجة تمدده وأبنائه وأحفاده داخل مفاصل الدولة، وأيضاً بسبب طول أمد البقاء موقع الوزارة، الأمر الذى أشعره بأنه مركز قوة، والدليل على ذلك أنه رغم رده الخشن على السلطان، فإنه لم يتباطأ عن الخروج معه فى الواقعة التى اغتيل فيها، لكن انتساب الفتى الذى اغتاله إلى طائفة الديلم وارتباط الطريقة التى اغتاله بها إلى مدرسة فرق الموت الحشيشية، يدفع البعض إلى تبرئة ساحة السلطان من قتله، واتهام الحسن الصباح بذلك. والأرجح أن دور السلطان السلجوقى فى اغتيال الوزير كان مهماً على مستوى تسهيل مهمة الفتى «الديلمى» الذى نفذ العملية الذى يرجح بالفعل أنه ينتمى إلى ثقافة «قلعة آلموت» وفرق الاغتيال التابعة لـ«الحسن الصباح»، فى ظل سياق زمنى يشهد على قيام «الحشاشين» بعمليات اغتيال واسعة ومتعددة، تأسيساً على رؤية ترتكز على حمل السلاح بهدف تصفية الخصوم السياسيين والعقائديين، والارتكان إلى الذبح كأداة أساسية من أدوات الصراع السياسى، رغم تناقض ذلك مع النصوص الصريحة فى القرآن التى تنهى عن الاعتداء على الغير بغير وجه حق، وتدعو إلى الصفح والعفو والتسامح، حتى مع الأعداء، وتحدد مواضع معينة يلجأ فيها المسلم إلى القتال دفاعاً عن النفس، ودون جور على الآخرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق