السبت، 10 يونيو 2017

أكرم عطا الله .. ماذا لو اختفى العرب جميعا ؟

ماذا لو اختفى العرب جميعاً؟ ماذا لو أفاق العالم فجأة واكتشف أننا لم نعد موجودين؟ بالتأكيد لن يخشى من خسارة أي شيء، فلن ينقطع الإنترنت ولن تتوقف الأقمار الصناعية ولا مصانع السيارات وقطع غيارها، ولن تتوقف أسواق البورصة، ولن يفتقد أي مواطن في العالم أي نوع من الدواء ولا المعدات الطبية وأجهزة الأشعة وغرف العمليات، ولا حتى السلاح الذي يقتل به بعضنا بعضا، فلم نقدم للعالم أي خدمة سوى الكلام وصورة قتل بعضنا في الصحف ونشرات الأخبار.
ستطل سيدة فرنسية من شرفتها لتقول لسيدة أُخرى لقد اختفى العرب جميعاً، وستسأل الأُخرى الجاهلة: أنت تتحدثين عن هؤلاء الذين يقتلون بعضهم ليل نهار؟ نعم، واذا كان أحد يعتقد أنني أبالغ في رسم الصورة فليقف على مسافة في أية عاصمة خارج الوطن، وليراقب خيط الدم من ليبيا حتى العراق مروراً بمصر وسورية واليمن وما بينها من أمة نصفها يسبح على بطنه من شدة الجوع ونصفها الآخر يسبح على كرشه من شدة الشبع، وكلهم عالة على البشرية.
لن يتوقف أي شيء في حياة المواطن الياباني، ولن يفتقد المواطن الأوروبي أي شيء، ولن يخشى الماليزي أوالتركي أو الأميركي من تعطل حياته اليومية، فليس لنا أي دور في الإنتاج الحضاري ولا المعرفي ولا الصناعي ولا الإنتاج المادي ولا الاكتشافات أو الاختراعات، فقط نتناول ما تنتجه البشرية، وكثير من هذا الإنتاج نستهلكه بشكل ضار وخاطئ، من سيفتقدنا كثيراً هي مصانع الأسلحة التي تكدس المليارات لأننا الأكثر استهلاكاً لما تنتجه، ولم نتوقف عن عقد الصفقات الضخمة لأننا نفتح لها سوقاً بالدم مما نستهلكه يومياً من أحدث أسلحة القتل والفتك والدمار.
هم ينتجون كل شيء ونحن نستهلك كل شيء، ولا ننتج سوى الكلام ثم نعيد تفسير الكلام وتأويله وتدويره عن التحريض والكراهية والإقصاء، فكل من العرب له مشكلة مع العرب، ولم تتوقف صراعات العرب البينية منذ فجر التاريخ، دول تكره بعضها وقبائل تتربص لبعضها ومليشيات تنتشر بلا حساب، كلٌ شاهرٌ ما استطاع أن يعده من قوة وخيول لم تتوقف عن الجري في ساحات المعارك. وحده الفلسطيني المحظوظ وسط هذه الأمة أن صراعه مع إسرائيل، لكنه لم يشذ عن الأوركسترا العربية، فقد فتح صراعاً مع نفسه ليؤكد انتماءه لهذه الأمة.
نحن في ذيل القائمة في كل شيء، لا مستشفيات طبية يأتي العالم للعلاج فيها، ولا جامعات تحجز لها مكاناً في أول أربعمائة جامعة حسب تصنيف شنغهاي، ولا مؤسسات حقيقية ولا برلمانات يعتد بها ولا قانون يحترم، كل شيء صوري، فليس هناك ما نباهي به بين الأمم. قبل سقوط الرئيس مبارك بسنوات ذهب للعلاج في أحد مستشفيات ألمانيا مصطحباً عدداً من المساعدين والحراس، وقد لفتت الحركة غير العادية في المستشفى نظر مواطن ألماني كان يتعالج بنفس القسم فسأل عن النزيل المجاور فقيل له: إنه زعيم عربي، فسأل كم سنة له في الحكم؟ قيل له: ثلاثة عقود، قال: هذا دكتاتور وفاسد، أما لماذا ديكتاتور فلأنه في الحكم منذ ثلاثين عاماً، وفاسد لأنه رئيس وضعت تحت تصرفه كل الامكانيات والصلاحيات ولم ينشئ مستشفى يثق في العلاج به.
لقد كشفت اضطرابات الإقليم خلال السنوات القليلة الماضية هشاشتنا في كل شيء، فمع أول هبة ريح انهارت دول، واكتشف أن ما بنيناه في السنوات الماضية لم يكن أكثر من بناء كرتوني سطحي لا يحتمل أقل الهزات، والأسوأ اكتشاف حجم الكراهية والعنف المتأصل في ثقافتنا العميقة وحجم قدرتنا المدهشة بأن نعيد إحياء أسوأ نزعات المذهبية المدمرة ونستلها لنبرر غريزة القتل المضاد، مستدعين أكثر ما نملك من قدرات كلامية وفتاوى وفضائيات وأموال لإشباع غرائز القتل.
نحن أكثر شعوب الأرض حديثاً واحتفالاً بالانتصارات رغم الهزائم التي تملأ تاريخنا الحديث والقديم، حتى شعاراتنا أكبر من الأوطان، نحول الهزيمة لنصر بمجرد جمل إنشائية، خبراء في قلب الحقائق وتزييف الواقع والماضي، غارقون في أحلام المستقبل بأوهام بعيدة تماماً عن واقع آخذ بالاهيار، لا نفعل شيء للمستقبل سوى التمني والكلام.
نحن أكثر شعوب الأرض حديثاً عن الوحدة، وأكثرها تشتتاً، أكثر شعوب الأرض حديثاً عن الديمقراطية ونحن غارقون في أشد أنواع الاستبداد، وأكثر شعوب الأرض حديثاً عن التسامح والمحبة والسلام ونحن أشدها كراهية، ونحن أكثر الشعوب حديثاً عن حقوق الإنسان فيما أن الإنسان لا يساوي لدينا جناح بعوضة، حقوق الطفل والمرأة وكل هؤلاء يتم سحقهم إذا استدعت مصلحة جهة أو حزب، وبعد كل حدث نكتشف أن كل منظومة القيم تلك ليست سوى مجموعة شعارات تسقط مع أول صراع وأول حكم وأول مصلحة لقبيلة سياسية.
كان يجب أن يصاب الإقليم بهذه الرجة العنيفة، ليس فقط لتُظهر عرينا السياسي والأخلاقي والاجتماعي، بل تصيبنا بصدمة اكتشاف واقع الحالة العربية التي حاولنا اخفاءها على امتداد عقود وربما قرون أصابت بعض الحالمين بعدوى الأمل الكبير ليغنوا “الحلم العربي” والوحدة العربية قبل أن نعود لعصر الجاهلية ونتحدث عن وحدة الدولة الواحدة في العراق وسورية وليبيا واليمن، ولتنزوي كل أحلام وحدة العرب في دولة.
لم يكن يتصور أي من الشباب العرب أن أمامهم واقعا بهذه القسوة وبهذا السوء، ففي لحظة كانت كل الآمال بمستقبل واعد أكثر، ولكن الحقيقة التي نعرفها جميعا أن كل الشباب العربي الذي يتعرض للتهميش وهو بلا عمل يصطف على الأرصفة في طوابير البطالة منذ سنوات، وهجرة الشباب العربي باتجاه واحد نحو الغرب حتى عندما كانت الدول مستقرة، فما بالنا عندما يحدث هذا الارتجاج.
كثير يقارنون بين ما يحصل عندنا وما حصل في أوروبا عندما خرجت للنور على أمل أن يؤدي هذا النفق المظلم إلى نقطة الضوء .. لكن هناك تمايزاً في التجربتين .. ففي أوروبا صاحب الحروب الأهلية نقاشٌ فكري هائل، بينما يصاحب حروبنا نزعات انتقامية غرائزية لا تبشر، إذا لم نبدأ نقاشنا وقراءة واقعنا على مهل بعيداً عن صخب السلاح ورائحة الدم .. نقاشاً يبدأ بسؤال: ماذا نحن؟ وينتهي بإجابة كيف يجب أن نكون؟ وإلا فإن الرحيل عن الأوطان هو أفضل الخيارات للأجيال القادمة ..!

الجمعة، 9 يونيو 2017

اعرف أصل المثل.. ما سر مقولة "دلق القهوة خير"

الكياسة والتحايل على المواقف من أهم سمات المصريين التى تميزهم فى التعامل مع ضيوفهم، خاصة أن العرب جميعًا اتصفوا بالكرم وحسن الضيافة لاسيما المصريين الذين يشتهرون بفائق الكرم و الترحاب الغريب والقريب، وهناك كثير من الأقوال المأثورة و الأمثال الشعبية التى نسمعها فى الزيارات العائلية من أبرزها "دلق القهوة الخير" فدائمًا ما تكون القهوة من المشروبات التى تُقدم للضيوف ويتعرض الكثيرون لسكب القهوة أثناء تقديمها أو يسكبها أحد الضيوف فتكون الجملة الأولى للتعليق على الموقف هى "دلق القهوة خير" للتحايل على  الأمر وإزالة الحرج بسبب الأثر الذى تتركه القهوة.
لكن ما لا يعرفها لكثيرون أن سكب القهوة لا علاقة له بالخير على الإطلاق كما يعتقدون، لكن قصة المثل تعود إلى قصر أحد الأثرياء قديمًا الذى اشتهر بتردد ضيوفه عليه من النبلاء والأغنياء، وكان لديه خادم يُدعى "خير" وكان المسئول عن تقديم القهوة للضيوف، وذات مرة قام بسكب القهوة رغمًا عنه فلما سأل صاحب القصر رد النبلاء "دلق القهوة خير"، ولما تقدم "خير" فى العمر باتت حركته أصعب وتكرر سكبه للقهوة فكان الضيوف فى كل مرة يقولون "دلق القهوة خير" ومن هنا اشتهرت المقولة.

اعرف أصل المثل.. ليه رش المياه عداوة

" رش الميه عداوة"، " اللى يرشنا بالمية نرشه الدم"، تلك الأمثال والمقولات التى اعتدنا على سمعاها فى المجتمع المصرى منذ عشرات السنين، دون وجود سبب واضح لارتباط الماء بالحب والكراهية، وتوارثت الأجيال على مر السنين تلك المقولات تعبيراً عن الغضب، حيث اعتبروا أن "رش الماء" أمر سيئ ويعبر عن كراهية الشخص الفاعل لذلك لغيره، ليأتى مثل أخر يُكمل العبارة ليكون الدم هو مقابل "رش الماء"، وهى كناية عن التمسك بالحق والإصرار على رده بأى طريقة.
وتعود مقولة " رش المية عداوة" إلى عادة مصرية فى الأحياء الشعبية قديماً ، وهى استخدام الماء طريقة لفض العراك فى الشوارع، حين كان يتم ملأ الشوارع بالماء كى يفضوا الاشتباك،  ثم تطورت لتصبح وسيلة لبدء الشجار بين طرفين، إذا قام أحدهم برش الماء على الأخر، لتؤدى فى النهاية إلى معركة كبيرة بينهما.
كذلك كان يتم استخدام الماء كوسيلة لتفريق الأطفال عند لعبهم بالشوارع، لمنعهم من اللعب، ليأخذ الأطفال انطباعاً بأن ذلك موقف عنيف تجاههم.

ومن ضمن العادات المعروفة لدى المصريين، إذا قام أحدهم برش الماء على الأخر فى وقت الغضب والعراك، يتحول الأمر إلى معركة كبيرة بين الطرفين، كذلك من العادات الشائعة أيضاً قيام بعض النساء برش ماء الغسيل الخاص بها من بلكونتها فى الشارع، حتى تنشب مشاجرة بينها وبين إحدى جيرانها بسبب هذا الفعل، ومن هنا ارتبط "رش المية" بالعداوة فى أذهان المصريين.

اعرف أصل المثل .. القصة خلف جملة "لا له فى الثور ولا فى الطحين

كانت ومازالت الحارة المصرية القديمة نبع للأقوال المأثورة التى حفظت لها مكانة فى التراث المصرى القديم الذى توارثته الأجيال، ولم تكن الحارة الشعبية تنطق بأى كلمات دون أن يكون لها مغزى واضح وصريح وناتج عن موقف واقعى، و كان المصرىا لقديم فصيح طليق اللسان يستطيع أن يطلق الحكم والانتقادات فى المواقف التى تحدث أمامه بشكل يومى، لذلك كانت ومازالت الأمثال الشعبية قاموس متحرك من القصص والحكايات الأسطورية والواقعية التى تداولها السابقون فيما بينهم وانتقلت إلى الأجيال التى لحقتهم.
ومن أبرز الأمثال الشعبية المتداولة "لا له فى الثور ولا فى الطحين" ودائمًا ما يقال هذا المثل على الشخص الذى لا علاقة له بموقف معين لكنه يتدخل فيه، أو عندما يقحمه الأشخاص فى شىء لا يعنيه ويطلبون منه أن يتدخل.
وتعود قصة هذا المثل إلى العصور القديمة وتحديدًا فى اوقات الجفاف والتقشف التى عاشها الفلاح المصرى، عندما كان الفقراء والمساكين يتجمعون على أبواب طواحين القمح حتى يعطف عليهم الأغنياء، وكانت الطواحين يجرها ثور كبير الحجم ليتحمل شغل الطاحونة، وعندما يضيق أصحاب الطواحين من الفقراء كانوا يطردونهم ويقولون "لا لكم فى الثور ولا فى الطحين" حتى ينصرفون لعدم وجود فائدة من وقوفهم.

أعرف اصل المثل .. المتعوس متعوس ولو علقوا فى رقبته فانوس

لكل مثل شعبى قصة وأصل، فالتراث المصرى وخاصة الأمثال الشعبية لا زالت تجرى على ألسنة الناس حتى يومنا هذا.
فلكل مثل شعبى قصة حدثت قديماً قيل فيها المثل وأصبح تراثاً تداولته الألسنة فى مواقف مشابهة.
فيحكى أنه قديماً كان هناك أخوان يسيران الحال لديهما تجارتهما، ولكن فى أحد الأيام خسر أحدهما تجارته وأصبح فقيراً، ولكنه كان عزيز النفس لا يقبل المساعدة من أى شخص حتى لو كان هذا الشخص هو أخوه.
فقرر الأخ  الغنى مساعدته ولكن بشكل غير مباشر ودون أن يعلم حتى لا يتسبب فى إحراجه، ودعاه أن يأتى إليه فى يوم من الأيام وقام بوضع سره من النقود فى الطريق الذى سيمشى فيه أخاه الفقير، أتى الأخ الفقير ولكن لم يتحدث عن أية أخبار تخص أنه وجد بعض النقود أثناء سيره فى الطريق، وعندما سأله أخوه رد قائلاً: راهنت نفسى اليوم ان أسير مغمضاً عينى وقد نجحت بالفعل. فرد الأخ الغنى : "المتعوس متعوس ولو علقوا فى رقبته فانوس"
ومنذ ذلك الحين أصبح الناس يتداولون هذا المثل الشعبى فى كل موقف يعبر عن سوء الحظ رغم قرب الفرص.

أعرف أصل المثل .. دخول الحمام مش زى خروجه

قد تسمعه كثيراً خلال تفاصيل يومك ،خاصة عندما يغير أحدهم موقفه بعد ما حصل على ما يريد، فهناك قصة وراء شيوع مثل "دخول الحمام مش زى خروجه " بسبب اختلاط المواطن المصرى بثقافات عديدة لمروره بأنظمة حكم متنوعة على مدار التاريخ .فيرجع أصل هذا المثل لعهد الدولة العثمانية  فى عهد انتشار الحمامات العامة التى لا يزال لها وجود حتى الآن ولكن بعدد قليل .
عندما قرر أحد الرجال العثمانيين افتتاح حماماً تركياً جديداً ،ومن أجل جذب الزبائن بطريقة مبتكرة للحمام قام بتعليق لافته كبيرة كتب عليها "دخول الحمام مجاناً"،ذاع صيت الحمام الجديد فى البلدة بأكملها وتهافت الناس عليه.وبعد دخول الزبائن إلى الحمام كان يحتجز الرجل ملابسهم وبعد أن ينتهى الزبون و يقرر أن يخرج يرفض صاحب الحمام تسليم الملابس له إلا بعد دفع ثمن استخدام الحمام .
هنا فوجىء الزبائن بتراجع الرجل عما كتبه على اللافته بان دخول الحمام مجاناُ ،وعندما واجهوه بما كتب  على الباب رد قائلاً "دخول الحمام مش زى خروجه، وأصبح رد صاحب الحمام مثلاً يتداوله الناس عندما يتورط شخص فى مشكلة بالرغم من أن بدايتها لم تكن تنبأ بنهايتها .

أعرف أصل المثل .. على أد لحافك مد رجليك

خلال أحداث يومك تسمع الكثير من الأمثال الشعبية تسرى على الألسنة، ولكل مثل أصل وحكاية جعلت الناس يستعينون به فى مواقفهم المشابهة، ومن الأمثال الشعبية الشائعة حتى الآن مثل "على أد لحافك مد رجليك" فتجد الناس ينصحون به من آن لآخر فى المواقف التى يحتاج فيها الشخص لإدراك حقيقة وضعه.
ويرجع أصل هذا المثل لقصة حدثت قديماً من حكايات التراث، عندما ورث شاب عن والده ثروة طائلة، ولكنه لم يحسن استخدامها بل أخذ يبعثرها ويصرفها فى اللهو وإقامة الحفلات، فكان كل ليلة يقيم وليمة وحفلاً كبيراً لأصحابه، فكثر أصحاب الرخاء عنده وكثرت سهراتهم كل ليلة وتعالت ضحكاتهم وهم يمدحون هذا الشاب فى وجهه من أجل ماله.
ولكن هذا الحال لم يدم طويلاً فبعد وقت قليل نفذت ثروته وأصبح لا يملك حتى قوت يومه، فانصرف عنه أصدقائه وضاقت عليه الأرض فخرج من بلدته يبحث عن عمل يحصل منه على قوت يومه، وانتهى به المطاف عند صاحب بستان للعمل والمبيت، ولاحظ صاحب البستان أنه لا يعرف شيئاً عن كيفية العمل ولم يسبق له العمل من قبل، فتفهم من هيئته أنه ابن ترف ولكن ظروفه هى التى دفعته لأن يلجأ لهذا الأمر.
فاستدعاه صاحب البستان وسأله عن قصته، فأخبره الشاب بالقصة كاملة، ذهل صاحب البستان حينها لأنه وجد أنه يعرف والد هذا الشاب وأنه صاحب ثروة كبير لا يمكن أن تنفذ بسهولة، ولكن هذا الشاب أنفقها فى غير موضعها حتى انتهى به الوضع إلى هذا الحال، فقال له صاحب البستان: لا أريدك أن تعمل أو تهان وتذل فأنا أعلم أنك ابن فلان. فعقد صاحب البستان للشاب الزواج على ابنته وزوجه إياها وأسكنه بيت صغير قريب من البستان وأعطاه جملاً، وقال له: يا ولدى احتطب وبع وكل من عمل يدك، وأنصحك أن تمد رجلك على قدر لحافك، فأخذ الشاب بتلك النصيحة بالفعل وانصلح حاله بعد فترة من الزمن.
وأصبح المثل منذ ذلك الحين شائع على ألسنة الناس يقدمونه كنصيحة لمن يرونه لا يتصرف بحكمة وتدبر فيما يملك.

أعرف أصل المثل .. اللى تحسبه موسى يطلع فرعون

لم تتوقف حكمة العرب قديمًا عند قدرتهم على إطلاق الجمل الفصيحة والعبرات التى يأخذونها من مواقف معينة تحدث فى حياتهم اليومية، لكنهم كانوا يمتلكون قدرة الاستشهاد بالقصص والأساطير التى تتشابه فى تفاصيلها مع ما يحدث لهم، فعادوا إلى حياة الرسل والأنبياء ودخلوا فى تفاصيل الحكايات حتى استطاعوا أن ينسجوا منها أقوال مأثورة توارثنها بعدهم حتى دخلت ضمن تراثنا الشعبى وأصبحت من الجمل المتداولة حتى الآن.
ومن أبرز الأمثال الشعبية القديمة التى نتداولها حتى الآن "اللى تحسبه موسى يطلع فرعون" وفى هذا المثل إشارة واضحة ومباشرة إلى قصة سيدنا موسى عليه السلام وفرعون الحاكم الظالم، ولكن القدامى استخدموا هذا المثل عندما وجدوا البعض يقوم بأفعال صالحة كثيرة أمامهم ثم اكتشفوا فيما بعد أن هذه الأفعال غير صالحة كما تبدو أمامهم على الإطلاق، فشبهوا البداية والأعمال لصالحة بأخلاق الرُسل، ثم جاءوا فيما بعد ليشبهوا حقيقة هذه الأفعال السيئة بأخلاق فرعون، نظرًا لاختلافها بشكل كلى عن البداية، ومن هنا أخذوا جملة "اللى تحسبه موسى يطلع فرعون" حتى أدرجوها ضمن قائمة الأمثال الشعبية الخاصة بهم.

أعرف أص المثل .. امسك الخشب

"امسك الخشب"، مثل شائع يردده المصريين لدفع الحسد عن شيئ أو شخص، دون أن يعرفوا لماذا الخشب وما مدى تأثيره وقدرته فى دفع الأذى والحسد، فقد تناقله الأجيال وظل يرددونه دون معرفة قصته التاريخية، ولا يردده المصريين فقط بل الأجانب أيضاً، ونسمعه فى الكثير من الأفلام الأجنبية.
ووفقاً للروايات، يعود أصل مثل امسك الخشب إلى أنه كان مجرد عادة فى عهد الإمبراطور قسطنطين، حيث كان المؤمنين بالمسيحية يسيرون فى مواكب عامة ويلمسون الصليب الخشبى من أجل التبرك به والشفاء، بشرط أن يتم لمسه ثلاثة مرات متتالية.
وبعد وضع الصليب المركزى الخشبى فى القسطنطينية، تحول الأمر ليصبح عادة وجزءاً من التقاليد أن يتم لمس أى صليب خشبى للتبرك به، وبمرور الوقت تطور الأمر ليتحول إلى عادة لمس أى شىء مصنوع من الخشب، لدفع الضرر والأذى والحسد.
وظل المسيحيون يتناقلون هذه العادة سواء العرب أو الأجانب، حتى تحولت إلى تقليد شعبى يقوم به الجميع للتحصين من الحسد، وذلك بلمس أى شيئ خشبى كالطاولة أو الكرسى، وظل يتناقله الجميع دون معرفة قصته الحقيقية.

أعرف أصل المثل .. ده احنا دافنينه سوا

الأمثال الشعبية القديمة أحد أبرز اللمحات التراثية التى ورثناها عن السابقين، ونتداولها الآن كثيرًا فى حياتنا اليومية ودائمًا ما نعلق بها على مواقف بعينها لكن ذلك دون أن نعرف أصل هذا المثل أو لماذا قيل وما الهدف منه، والحقيقة أن القدامى كان لهم كثير من القصص والحكايات الواقعية منها والأسطورية التى جعلوها تربة خصبة ليستخلصون منها العظات والأقوال المأثورة التى نستخدمها الآن فى حديثها، لذلك عليك أن تعرف أولًا حكاية الأمثال الشعبية التى تستخدمها فى حياتك قبل أن تتفوه بها.

قصة المثل :

ومن أبرز الأمثال الشعبية التى نستخدمها الآن دون أن نعرف قصتها "احنا دافنينه سوا" ويُشار بهذا المثل إلى السر الواقع بين اثنين ولا يعرفه غيرهم وعند الحديث عنه يقولون هذا المثل، وتعود قصة هذا المثل إلى أخوين  فقيرين كانا يمتلكان حمار يساعدهما فى كل شىء العمل ووسيلة للمواصلات ويقضون به كثير من حوائجهم، أحباه كثيرًا واعتبراه فرد من عائلتهما حتى أطلقا عليه اسم "أبو الصبر" وفى أحد الأيام ذهب الأخوان إلى سفر وعندما كانا فى الصحراء وقع الحمار ومات، فحزنا عليه حزنًا شديدًا و قاما بدفنه بشكل لائق وظلا بجوار مدفنه يبكيان حتى أن كل من مر عليهما وسألهما عن سبب الحزن يخبراه بموت "أبو الصبر"، فتعاطف معهم الناس وظلوا يشاركونهما البكاء ظنًا منهم أن "أبو الصبر" شيخ جليل أو عبد صالح لذلك حزنا عليه كل هذا الحزن، حتى قاما بإنشاء خيمة على مدفنه ويوم تلو الآخر يزيد إقبال الناس عليهما ويتبرعان لهما بالمال، فقاما باستبدال الخيمة بحجرة صغيرة، ومازالت التبرعات تتدفق عليهما، حتى أصبح مدفن أبو الصبر مزار يقصده الناس لفك السحر وتزويج العانس وبات الجميع يتحدث عن كراماته وزادت التبرعات أيضًا حتى كون الأخوان ثروة، وكانا يقسمان النقود بينهما، وذات مرة تشاجر الأخوان بسبب النقود فقال أحدهما "سأطلب من الشيخ أبو الصبر أن ينتقم منك" ضحك أخاه وهو يشير بيده إلى المدفن وقال "نسيت الحمار، داحنا دافنينه سوا".

أعرف أصل المثل .. آخرة خدمة الغز علقة

لم تتحدث الأمثال الشعبية عن المواقف فقط لكنها أيضًا تحدثت عن العلاقات الإنسانية والمعاملات والصفات الخاصة بالأشخاص، فهناك بعض الأمثال الشعبية التى تحدثت عن الكرم وآخرى تحدثت عن البخل، كذلك صفة النذالة التى ذُكرِت فى العديد من الأمثال الشعبية، ولأن الأمثال الشعبية لا تستحدث من العدم ولا تطلق من الفراغ فدائمًا تتواجد قصة خلف كل مثل شعبى.
ومن أبرز الأمثال الشعبية التى تخفى خلفها قصة تاريخية "آخرة خدمة الغُز علقة" ويشار بهذا المثل إلى النذالة  ونكران الجميل و الرد بالشر على أفعال الخير، وتأتى كلمة "غُز" من كلمة "الغزاة"، وتعود قصة المثل إلى القرى المصرية قديمًا التى كان يدخلها الغزاة يسرقوها وينهبون خيراتها ويأخذون أموال الغلابة والفلاحين، ويسرقون الغلال ويجبرون أهل البلد على العمل لديهم بالقهر ودون أجر ويعاملوهم بشكل سىء، وبعدما يقضون على كل ما فى القرية ويتأكدون إنها أصبحت مدمرة، يقومون بضرب أهالى القرية ضربًا مبرحًا ويتركون فيهم جروحًا كثيرة، وكان الغزاة يكررون ذلك فى كل قرية يذهبون إليها حتى خرج أهل القرى بجملة "آخرة خدمة الغز علقة".

أعرف أصل المثل .. شايل طاجن ستك

لكل مثل شعبى أصل وحكاية جعلته يترسخ بأذهان الناس ويتناقل بين الأجيال حتى وصل إلينا فى يومنا هذا .فتجد الكثير من الأمثال الشعبية التى ارتبط ذكرها بقصص وحكم من مواقف حدثت مع الكبار فى السن.
ومن أهم تلك الأمثال "شايل طاجن ستك"، فدائماً ما تجد الناس يعبرون به عن وصف حالة شخص ما بالبؤس والضيق.
وترجع تلك المقولة إلى الزمن القديم فيقال أنها تشير إلى الجدات اللائى كان لا يعجبهن الشىء رغم ما بذل به من مجهود ،فكانت من عادات البيوت المصرية قديماً أن يطبخوا أشهى المأكولات فى الطواجن، وكما اعتاد أهل المحروسة أن تقف الفتاة أو السيدة طوال اليوم للانتهاء من إعداد طاجن شهى تحمله على رأسها وتذهب به إلى جدتها تقديراً لمكانتها فى العائلة. ولكن كعادة الجدات اللائى لا يعجبهن شىء ويمارسون النقد على كل ما يقوم به الأجيال الصغيرة كانت لا يعجبها ما تقدمه لها الفتاة فى الطاجن .فتعلق على الطاجن باستياء وعدم استحسان .
حتى صار "طاجن الست" مصدر دائماً للنكد والحزن ،حيث كانت الفتاة تقف تطهى الطاجن طوال اليوم ويقابل مجهودها بالخزى وعدم الاستحسان، فانتشرت مقولة "شايلة طاجن ستك" منذ تلك القصة للتعبير عن الضيق والحزن.

أعرف أصل المثل .. الضرة مرة ولو كانت جرة

"الضرة مرة ولو كانت جرة"، مثل شعبى شائع فى مجتمعنا حين يتزوج الرجل على زوجته امرأة أخرى فتشتعل نار الغيرة بقلب ووجدان زوجته الأولى، فقد يضطرها ذلك لافتعال المشكلات حتى على أسباب صغيرة، كى تجعل زوجها يندم على فعلته وزواجه، ليكون هدفها هو إفشال علاقة زوجها بزوجته الثانية بكافة المحاولات.
ضرتينضرتين
ويعود ذلك المثل وفقاً للروايات إلى رجل متزوج من امرأة لا تنجب، فطلبت منه أن يتزوج بامرأة أخرى كى ينجب طفلاً كما يحلم، فرفض الزوج هذه الفكرة لأنه لم يكن يرغب فى حدوث مشكلات الغيرة بين الزوجتين مما يعكر صفو حياته، لكن زوجته الأولى صممت على رأيها وأقنعته بالزواج.
وبعد إصرار من الزوجة، وافق الزوج لكنه أخبرها بأنه سيتزوج امرأة غريبة عن مدينتهم حتى لا تقع بينهما أى مشاكل، وبعد فترة عاد الزوج إلى منزله ومعه جرة كبيرة من الفخار وألبسها ثياب امرأة وغطاها وأدخلها إحدى حجرات المنزل وقال لزوجته إنه سيعرفها عليها فى اليوم التالى.
وخرج الزوج  لعمله وبعدما عاد فوجئ بزوجته الأولى تشتكى له من زوجته الثانية وتقول له بأنها أهانتها وشتمتها، فتفاجئ الزوج برد فعل زوجته وكذبها وأمسك بعصا غليظة وظل يضرب الجرة الفخارية حتى تهشمت وعرفت زوجته الحقيقة فقالت له " الضرة مرة ولو كانت جرة".

أعرف أصل المثل .. من أين بدأت قصة اللى اختشوا ماتوا

"اللى اختشوا ماتو" مثل شائع فى مجتمعنا الشرقى ليتردد حين يرغب شخص فى فعل شيئ لكنه يستحى من ذلك فيقال له فوراً " اللى اختشوا ماتوا" كتعبير عن ضرورة تخلصه من الحياء وفعل ما يريد، وقد لا يعرف الكثيرين أصل هذا المثل لكنهم يرددونه فى الكثير من المواقف فى الحياة اليومية.
ووفقاً للروايات المتداولة، فيعود أصل مثل " اللى اختشوا ماتوا" إلى عصر العثمانين، حينما كانت تستخدم الأخشاب والحطب فى الحمامات القديمة، وفى يوم نشب حريق بإحدى حمامات النساء فسارعت الكثيرات ممن كانوا بالحمام إلى الهرب خارجاً وهم عراة لينجوا بأنفسهم من الحريق، ولكن بعضهن استحين من الخروج بهذا المنظر فظلوا فى أماكنهم بالحمام حتى أصابتهم النيران واحترقوا وماتوا داخل الحمام.
حمام سيداتحمام سيدات
وحين جاء صاحب الحمام ليسأل الواقفين يشاهدون الحادث، فسألهم عما إذا كان مات أحداً فى الحادث، فرد أحد المتفرجين قائلاً " اللى اختشوا ماتوا"، ومن هنا بدأ هذا المثل ينتشر عبر العصور.

أعرف أصل المثل .. الجار قبل الدار

لم تكن الأمثال الشعبية قاصرة على المصريين فقط، لكن إطلاقها وترديدها كان صفة للعرب بشكل عام، إذ كان العرب قديمًا يتميزون بطلاقة اللسان والقدرة على قول الحكم التى تناسب المواقف، فلم يتركوا موقف إلا وأخذوا منه عظة وجملة ظلت تتوارثها الأجيال حتى تركوا لنا تراث كبير يحتوى على أقوال مأثورة عن معظم المواقف الحياتية تقريبًا، وكان للعلاقات الاجتماعية والإنسانية نصيب الأسد فى الأمثال التى قيلت عنها، ومن أبرز الأمثال التى نرددها الآن "الجار قبل الدار" وتعود أصول هذا المثل إلى جذور عربية إذ يُردد هذا المثل فى عدد كبير من البلاد العربية لاسيما مصر ويقوله المصريون "اختر الجار قبل الدار".
وخلف هذا المثل قصة تعود إلى رجل كان جار لأبى دف البغدادى واشتدت حاجة هذا الرجل وكثرت عليه ديونه، فما كان منه إلا أن يلجأ لبيع بيته، وبالفعل عرض منزله للبيع مقابل 1000 دينار، وكان منزله يُقدر بـ 500 دينار فقط، وهكذا أخبره معظم جيرانه ولما كرر عليه أبى دف البغدادى معلومة تقدير المنزل بـ 500 دينار، فقال له إنى أبيع المنزل بـ 500 دينار، والجيران بـ 500 دينار فتفاجأ أبا دف البغدادى برده فما كان منه إلا أن قدم له العون والمساعدة وسدد له ديونه، وأكد الرجل أنه عندما اشترى منزله قبل 20 عام كان يفكر فى الجيرة التى ربطته بهم علاقة أخوة وصداقة ووجد منهم طيبة أصل، ولما تزوج أبنائه ورحلوا عنه رفض أن يترك عشرته وجيرته التى يرى قيمتها من قيمة منزله.

أعرف أصل المثل .. كداب كدب الإبل

لا يعرف أحداً ماذا يعنى كدب الإبل، لكنها مقولة اعتاد المصريون على ترديدها عند العلم بكذب شخص ما واستمراره فى الكذب، فيطلقون عليه "كذب الإبل" وهى كناية عن كثرة الكذب، فمثله مثل الكثير من الأمثال الشعبية التى لا يعرف الكثيرون أصلها، لكن تم تداولها فى مجتمعنا بمرور السنوات، وغالباً ما يرتبط كل مثل شعبى بحكاية تاريخية قديمة.
ووفقاً للروايات، فتعود قصة مثل "كداب كدب الإبل" إلى البدو حين كانوا يتجولون بخيولهم وجمالهم فى الصحراء لساعات طويلة فى النهار، وفجأة تقوم الإبل بتحريك فمها وشتفتيها يميناً ويساراً وكأنها تأكل الطعام، فيظن الرعاة أن الإبل وجدت حشائش أو أى شيء يؤكل وسط الصحراء ليكتشفوا أنهم يلاعبون شفاهم فقط، فأطلقوا على ذلك الفعل كذب الإبل، بمعنى إيهام الآخرين بشيء غير حقيقى.