الخميس، 18 مايو 2017

اعرف اصل المثل .. يعنى ايه جه يكحلها عماها ؟

مازالت حقيبة الفلكلور المصرى تحوى فى جعبتها كثير من الحكايات والقصص التى نتج عنها مجموعة من الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة التى نستخدمها حتى الآن، ولما كان المصريون قديمًا يدونون أمثالهم الشعبية كانوا يحكون عن القصة التى نتج عنها هذه العظة أو المثل، ومن أبرز الأمثال التى نتداولها حتى الآن "جه يكحلها عماها" ذلك الجملة التى نطلقها على أى شخص أفسد ما يحاول إصلاحه فى موقف ما أو مع أحد الأشخاص.
والحقيقة أن هناك روايتين قيلا حول هذا المثل أولها يحكى أن رجل كان يشك فى حب زوجته له لأنها لا تتحدث أو تضحك معه، فذهب لامرأة عجوز ليخبرها عن أمره، فنصحته بوضع أفعى مغلق فمها بإحكام على صدره وهو نائم، وبالفعل قام بتنفيذ ما نصحته به، حتى تفاجأ بصراخ زوجته وبكائها عليه وهى تحاول إيقاظه بعدما ظنت إنه مات، فتأكد من حبها له ونهض سريعًا ليخبرها إنه لم يمت، فلما علمت الزوجة بالأمر غضبت كثيرًا وأقسمت إنها لن تعود إليه وتركته، ومن هنا أطلق المثل "جه يكحلها عماها".
أما الرواية الثانية وهى الأكثر تداولًا فتعود إلى أسطورة تقول أن فى أحد قصور الأثرياء قديمًا تواجد قطة وكلب ربطت بينهما علاقة صداقة كبيرة بحكم تربيتهما معًا، وكان الكلب معجبًا بجمال عينى القطة، التى سألها عن جمالها ذات مرة فأخبرته أن عيناها بها كحل، ولما سألها الكلب كيف لكِ ذلك فأحضر الكلب الكحل ليضعه فى عينى القطة لكن مخلبه غار فى عينها ففقعها ثم أطلق المثل "جه يكحلها عماها".

اعرف أصل المثل .. جت الحزينة تفرح مالقت إلها مطرح

سخرية المصريين والعرب بشكل عام نبعت عن حكمة وطلاقة ودراية كبيرة بأصول اللغة ما جعلتهم قادرين على صياغة أى جملة ساخرة لتكون قول مأثور ومثل شعبى توارثته العديد من الأجيال التى لحقت بهم، وإن بحثنا داخل قاموس الأمثال الشعبية المصرية والعربية سنجد أن خلف كل مثل شعبى قصة وحكاية يعرفها جيدًا السابقون ومن أبرز الأمثال الشعبية المتداولة فى مصر والوطن العربى"جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح" ويُقال فى الدول العربية "جت الحزينة تفرح مالقت إلها مطرح" وقد يكون تفصيل المثل بهذه الطريقة فى السرد فى أصله وحكايته.
وتعود قصة المثل الشعبى الشهير إلى إحدى القرى العربية التى كانت بها عائلة كبيرة تشتهر بالكرم وحُسن الضيافة وكان لقبها "تفرح"، وكان لديهم بنت فائقة الجمال وتُعرف بحسن خُلقها وتدعى "الحزينة"، وفى إحدى الأيام نزل شاه بندر التجار الذى يسمى "مطرح" إلى هذه القرية، وقرر أن ينام بها ليلة واحدة فما كان من أهل القرية إلا أن وجهوه إلى بيت "تفرح" لكبر مساحته واستيعابه للضيوف والقدرة على حسن استقبالهم، وبعدما وصل إلى المنزل رأى ابنتهم "الحزينة" فقرر أن يخطبها لولده الذى يسمى "إلها" وبالفعل تمت الخطبة، لكن "الحزينة" كان بها عيب وهو "العصبية"، وقبيل العُرس بوقت بسيط نشبت مشاجرة بين "إلها" و"الحزينة" حتى اعتذرت له عن خطئها، وبعدما جاء موعد الفرح قرر "إلها" أن ينتقم منها، فبعدما ارتدت ملابس العُرس جلست تنتظره وتأخر الوقت كثيرًا ولم يأتِ "إلها" فانطلق المعازيم بجملة "جت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح"، ويستخدم هذا المثل الشعبى للتعبير عن سوء الحظ.

اعرف اصل المثل .. يعنى ايه " اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور "

يبدو أن الأمثال الشعبية قديمًا لم تركز على المواقف أو الصفات الخاصة بالأشخاص فقط، لكنها كانت تركز أيضًا على العلاقات الاجتماعية والأسرية، ولاشك أن علاقة الرجل بالمرأة كانت و مازالت تربة خصبة لإنتاج الحكم والأمثال والأقوال المأثورة، ومن الواضح أن النساء مواقفهن لم تتغير منذ قديم الزمن إذ نتجت عن علاقتهن بأزواجهن مجموعة من أبرز الأمثال التى نتداولها حتى الآن لعل أبرزها "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور"، فكثيرًا ما نستمع إلى هذا المثل حاليًا فى الجلسات النسائية أو التجمعات العائلية وخاصة عندما يكون محور الحديث "رجل".
ولم تكن الأمثال الشعبية قديمًا تستحدث من العدم، لكنها كانت وليدة مواقف معينة حدثت بالفعل فقيل عنها المثل، وترجع حكاية المثل الشعبى "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور" إلى امرأة جميلة تزوجت من رجل فقير قبيح المنظر ولم يحسن معاملتها وتحملت معه فقره وعيوبه وسوء معامتله لها، وذات يوم أخبرها إنه سيتزوج من فتاة آخرى شابة وفائقة الجمال، حزنت زوجته كثيرًا على أيام عمرها التى أضاعتها معه وشبابها وجمالها اللذان اختفيا بسبب المعيشة الضنك التى رأتها معه، وقالت له "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور" لتأكدها أن زوجته الجديدة ستلقى نفس مصيرها وسيتغير حالها وجمالها قريبًا.

اعرف ليه .. القرد فى عين أمه غزال

لجمال الغزال وتميزه يشبهون القرد به حين يرى نفسه أفضل من الجميع، فلم تأتى مقولة "القرد فى عين أمه غزال" من فراغ، فدائماً ما يرددها المصريين فى مواقف كثيرة كالأم التى ترى ابنائها أفضل من الجميع، أو الشخص الذى يرى من يحبه أحلى إنسان رآه، ويرددها الكثير دون أن يحاول أحدهم التفكير فى أصل تلك المقولة الشهيرة.
تعود مقولة "القرد فى عين أمه غزال" إلى العصر الرومانى، حيث يرجع هذا المثل إلى حكايات "إيسوب"، وهو عبد يونانى عاش فى اليونان القديمة ما بين عامى 620 و560 قبل الميلاد، واشتهر بالأساطير وحكايات الأطفال حول العالم، حيث كان يحاول أن يعلمهم الدروس الأخلاقية والحكم من خلال حكاياته الخرافية التى يرويها لهم.


وفى إحدى قصصه التى رواها، طلب الحاكم الرومانى إقامة مسابقة للجمال وتشارك بها الحيوانات الجميلة بالغابة، لاختيار الفائز وإعطائه جائزة المسابقة، وبالفعل بدأت الحيوانات تشارك فى المسابقة منها الأرنب والزرافة والطاووس والغزال، وفى نهاية المسابقة تفاجئوا بالقرد يجرى على المنصة ليحاول إقناعهم بجمال ابنه القرد الصغير، فضحك الحاكم وقال"القرد فى عين أمه غزال"، ومن هنا بدأت قصة الجميلة التى نقولها جميعاً دون معرفة أصلها.

اعرف ليه .. اكفى القدرة على فمها تطلع البنت لأمها

لم يكن المصريون شعب أهوج لا يعرف ماذا يقول، بل شمل تراثهم الشعبى على تفسير لكل مثل شعبى أو مقولة متداولة، فكان المصريون يعيشون المواقف ويخرجون منها بحكمة أو مقولة ما، تتوارثها الأجيال حتى قدموا لنا قاموس كبير من الأمثال الشعبية التى تعبر عن مواقف مختلفة فى الحياة، كذلك المقولات التى تعبر عن صفات خاصة فى أشخاص بعينهم.
أما الأمثال الشعبية التى وصفت العلاقات فكان لها نصيب الأسد من التراث الشعبى القديم، ومن أبرز الأمثال التى نتداولها الآن دون أن نعرف أصلها "اكفى/اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، دائمًا ما نقول هذا المثل عندما نجد فتاه تشبه والدتها أو تقلدها فى تصرف ما.
ويروى أن هذا المثل يعود إلى عصر الدولة العثمانية، وذكر عنه روايتين الأولى تقول أن الفتيات قديمًا كن ممنوعات من صعود سطوح المنزل، وكان قاصرًا على النساء المتزوجات فقط، ويقال أن الأم كانت تصعد لتنشر الغسيل فوق السطح، وعندما تحتاج إلى ابنتها تقوم بقلب القِدرة على فمها فتحدث صوت مرتفع تسمع الفتاه فتطلع إلى والدتها ومن هنا جاء "اكفى القدرة على فمها تطلع البنت لأمها".
أما الرواية الثانية فتقول أن صانع "قدِر الفول" كان يعمل بمساعدة زوجته التى دائمًا ما تسقط القِدر وتتلفها، فتكرر الأمر أكثر من مرة فطلقها، وطلب من ابنته مساعدته فكررت ما فعلته أمها وسقطت منها الأغراض فقل عنها "اكفى القدِرة على فمها تطلع البنت لأمها".

اعرف ليه .. اللى ميعرفش يقول عدس

"مهو اللى ميعرفش يقول عدس" الجملة التى تأتى على ذهن ولسان أى شخص يحكى للآخرين عن موقف تعرض له أو شىء لا يعرفوه فى محاولة منه لأن يوضح لهم حقيقة أفكارهم الخاطئة، أمثال شعبية كثيرة توارثها المصريون وتداولتها الأجيال دون البحث عن أصل لها، ولأن الإنسان المصرى البسيط اعتاد على إطلاق الأحكام دون أن يعى أنها ستظل خالدة عبر التاريخ وستظل تستخدم رغم التطور الذى نعيشه الآن.
ولأن الأمثال الشعبية تختبئ خلفها كثير من الحكايات والقصص الطريفة، فيمكن أن نعود إلى أصل مثل "اللى ميعرفش يقول عدس" من خلال قصته التى روى عنها أن تاجر للبقوليات كالفول والعدس هجم عليه لص وسرق أمواله، وهرب وأثناء هروبه تعثر اللص فى جوال للعدس وتبعثر كل ما فيه، بينما كان التاجر يجرى خلفه، وبعدما تعثر اللص وسقط أرضًا التف حوله التاجر والمارة بالشارع وقالوا للتاجر "بتجرى وراه عشان شوية عدس"، واستطاع اللص الهرب من بين أيديهم، فما كان من التاجر إلا أن يقول لهم "مهو اللى ميعرفش يقول عدس".

اعرف ليه .. رجعت ريما لعادتها القديمة

لكل مثل شعبى حكاية كان البطل فيها شخص أو موقف جعلها من الأقوال التراثية المتداولة حتى الآن، إذ كان المصريون والعرب قديمًا معروفين بحكمتهم وطلاقة ألسنتهم وفصاحتهم فى التعليق على المواقف، ما جعل تراثهم الشعبى ملئ بالحكايات والقصص التى خرج عن كل منها مثل شعبى نتداوله حتى الآن، وبالرغم من تداول هذه الأمثال الشعبية الآن إلا أن معظمنا يقولها دون أن يعرف أصلها وقصتها.
ومن أبرز الأمثال الشعبية التى نتداولها الآن "رجعت ريما لعادتها القديمة" ويقوله البعض "رجعت حليمة لعادتها القديمة" وخلف هذا المثل قصة شهيرة تقسم فى داخلها إلى روايتين حكاهم السابقون وتوارثتها عنهم الأجيال المتلاحقة، ويعود أصل هذا المثل إلى "حليمة/ريما" زوجة "حاتم الطائى" أحد أبرز الرجال الذين اشتهروا بالكرم والسخاء، فى حين اشتهرت زوجته بالبخل الشديد ما جعلها تضع قدر قليل جدًا من السمن فى الطبخ فكان ضيوف زوجها يشعرون برداءة الطعام، فحتى يزيل منها هذه العادة أخبرها أن القدامى كانوا يقولون أن كل ملعقة سمنة تضعها المرأة فى الطعام تزيد من عمرها يومًا، فقامت بزيادة السمن حتى تغير مذاق الطعام وأصبح أفضل، وبعدما توفى ابنها زهدت فى العيش، وأخذت تقلل قدر السمنة فى الطعام حتى تموت أسرع، وبالتالى لاحظ ضيوف زوجها تغير طعم الطعام وعودته إلى شكله الأول فقالوا "رجعت ريما/ حليمة لعادتها القديمة".
وفى رواية أخرى عن المرأة ذاتها وزوجها حاتم الطائى، ووضعها كمية قليلة من السمن فى الطعام، فاخترع زوجها حيلة وأخبرها أن السابقون قالوا أن كلما وضعت المرأة ملعقة سمنة فى الطعام كلما منع ظهور الشيب فى شعرها، فقامت بزيادة السمنة فى الطعام حتى تغير مذاقه للأفضل، وبعدما كسى المشيب شعرها أدركت الحيلة وعادت إلى وضع السمنة بكميات قليلة فقال الناس "عادت ريما/ حليمة لعادتها القديمة".